من أين جاءت تسمية “البحر الأحمر”؟

من أين جاءت تسمية “البحر الأحمر”؟

تُظهر صور الأقمار الصناعية البحر الأحمر كخط أزرق على طول الحافة الشمالية الشرقية للقارة الأفريقية.



وهذه الزرقة، التي تتناقض مع اللون البني الباهت للمناظر الطبيعية المحيطة، تكذّب الاسم الشهير للبحر. إذ يبدو أن لا شيء «أحمر» في البحر الأحمر.

إذن، كيف حصل البحر الأحمر على لقبه الشهير؟

قالت كارين كلاينهاوس، الأستاذة في علوم البحار بجامعة ستوني بروك في نيويورك: «لا أعتقد أن أحداً يعرف على وجه اليقين كيف حصل على اسمه»، وفق ما نقلت «لايف ساينس».

وأضافت: من الممكن أن يكون الجواب متعلقاً بالطحالب، وفي هذه الحالة، ذلك النوع الذي يسمى «نشارة البحر»، وهو نوع من البكتيريا الزرقاء (البكتيريا المائية التي تعيش من خلال عملية التمثيل الضوئي) وينتمي إلى مجموعة الطحالب الخضراء المزرقة، وهي مسؤولة عما بين 60 % و80 % من تحويل النيتروجين في المحيط، وفقاً إلى مرصد الأرض التابع لناسا.

ومع ذلك، من المحتمل أيضاً أن يكون البحر الأحمر سمي على اسم الجبال الحمراء التي تصطف على أجزاء من شواطئه، مثل الساحل الأردني، على حد قول كلاينهاوس.

تاريخ البحر الأحمر

قام بأول رحلة استكشاف للبحر الأحمر قدماء المصريين، لأنهم كانوا يسعَون إلى إقامة الطرق التجارية إلى بلاد البونت. ووقعت إحدى هذه الحملات حوالي 2500 ق.م، وأخرى حوالي 1500 ق.م (بواسطة حتشبسوت). وكانت كلا الرحلتين على طول البحر الأحمر.



وقد ذكر المقدسي في كتابه “أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم: أن بحر القلزم هو البحر الذي طَرَحت فيه أم موسى تابوت موسى لمّا خافت عليه من فرعون. وقد عبر بنو إسرائيل البحر الأحمر برفقة نبي الله موسى كما ورد في القرآن الكريم.

﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ۝٦٣﴾ [الشعراء:63] ﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى ۝٧٧﴾ [طه:77]

في القرن السادس قبل الميلاد، أرسل داريوس الأول من بلاد فارس بعثات الاستطلاع إلى البحر الأحمر، وقد حسن ووسع نطاق التنقل عن طريق تحديد أماكن الكثير من الصخور الخطرة والتيارات المائية.

وقد تم بناء قناة بين النيل والطرف الشمالي للبحر الأحمر عند مدينة السويس. أرسل الإسكندر الأكبر في أواخر القرن الرابع ق.م رحلات يونانية بحرية لأسفل البحر الأحمر تجاه المحيط الهندي.

واصل البحارة اليونانيين استكشاف وجمع البيانات من البحر الأحمر. جمع المؤرخ اغاثارشيدس [الإنجليزية] المعلومات حول البحر في القرن الثاني ق.م. يبين الدليل “Periplus of the Erythraean Sea” الذي كتب بواسطة الأغريق في القرن الأول وصف تفصيلي لموانئ البحر الأحمر والطرق البحرية.[13] يصف أيضاً كيف اكتشف هبالوس [الإنجليزية] لأول مرة الطريق المباشر من البحر الأحمر إلى الهند.

كان البحر الأحمر المفضل للتجارة الرومانية مع الهند [الإنجليزية] بدءاً من عهد الإمبراطور أغسطس، عندما كانت الإمبراطورية الرومانية تسيطر على البحر المتوسط ومصر وشمال البحر الأحمر. وقد كان يستخدم الطريق من جانب الدول السابقة ولكن زادت في حجم حركة المرور في ظل الرومان.

قدمت السلع الصينية من الموانئ الهندية إلى العالم الروماني. يعتمد الاتصال بين روما والصين على البحر الأحمر، ولكن تم كسر الطريق من قبل إمبراطورية أكسوم في القرن الثالث الميلادي تقريبا.[14]

خلال العصور الوسطى، كان البحر الأحمر جزءاً هاماً من طريق تجارة التوابل، فكان البحر الأحمر مدخلاً لتجميع السلع الشرقية وغيرها، حيث تنتقل إلى عدن ثم السويس أو عيذاب والقيصر في الغرب، لتحمل براً في القوافر فتذهب إلى القاهرة ثم الأسكندرية أو دمياط، لينتهي المطاف بها إلى البندقية وجنوة لتوزع على تجار التجزئة الأوروبيين.



وقد سيطر المماليك على الشام ومصر والحجاز وبعض أجزاء اليمن في نهاية العصور الوسطى بين 1250-1517م مما مكنهم من ربح أموال طائلة بسبب الضرائب الكثيرة التي يفرضونها على السلع لتمر من أراضيهم، وقد حصروا تجارة التوابل لهم فقط.