مدينة لم يمسها بشر لألفي عام

مدينة لم يمسها بشر لألفي عام

كانت أهم ميناء بمصر خلال الفتره الأخيرة من حكم المصريبن القدماء، وأحد المراكز التجارية الرئيسة في مصر القديمه حتى ابتلعها البحر وطواها النسيان إلى أن اكتشفها العلماء بعد ألفَي عام غارقة في البحر.

كانت ثونيس معروفة في وقت مبكر من القرن 12 قبل الميلاد ولكن ازدادت أهميتها خلال الأيام الأخيرة من سقوط آخر الملوك القدماء و بداية الفترة الهلنستية، مع غزو الإسكندر الأكبر لمصر في القرن الثالث قبل الميلاد.



وتقع مدينة "هرقليون" قرب الفرع الكانوبي من النيل، أي حوالي 32 كم شمال شرق الإسكندرية، كما تقع بقاياها في خليج أبي قير على بعد 2.5 كم من الشاطيء وعلى عمق 10 متر (30 قدم).

وتمتعت المدينه بالازدهار، وقد استمدت ثرواتها من الضرائب المفروضة على البضائع التي جلبت إلى الموانئ القريبة لتنقل عبر نهر النيل لكن بعد نحو مئة عام، ابتلعها البحر، في حدث لا يزال غامضاً حتى الآن.

لم تكن المدينة عظيمة فقط بسبب مينائها؛ فقد احتلت أيضاً مكانة مهمة في الأساطير اليونانية، إذ كانت المكان الذي هربت إليه هيلينا من طروادة وحبيبها، باريس، واللذان اشتعلت بسببهما حرب طروادة.

كما اشتهرت المدينة لأنه كان يعتقد بأن هيلين و هرقل قد زارا المدينة، ولذا فقد اكتسبت المدينة اسمها من هرقل. وكان هناك أيضا معبد كبير مكرس للبطل اليوناني في وسط المدينة. تسببت علاقة المدينة بالبطل الأسطوري في أن ينسب الإغريق اسمها إلى هرقل، بدلاً من استخدام اسمها المصري الأصلي: ثونيس.

لأكثر من ألفَي عام بقيت هرقليون مدفونة تحت الماء قبالة ساحل البحر المتوسط في مصر، حيث نامت وذهبت طي النسيان.

بدأت القصة عام ١٩٣٣ حين حلق طيار إنجليزي فوق خليج أبو قير ولمح حينئذ بقايا مبان لآثار أسفل المياه، وأبلغ حينها الأمير عمر طوسون باشا أمير الأسكندرية الذي عرف بحبه للآثار، لينطلق الأمير عمر طوسون على مركب صغيرة ومعه غاطسون من القوات البحرية. وتم حينها العثور على مدينتين هما مدينة “كانوب"، و"مدينة ثونيس-هيراكليون"، وبعد فتره قصيره توقف البحث.

مدينة لم يمسها بشر لألفي عام

كان ذلك حتى عام 1999 بعد خمس سنوات من البحث. وعلى بُعد نحو 6 كيلومترات من الساحل المصري الحالي، في قاع البحر، اكتشف فرانك جوديو جداراً، وخلفه بقايا معبد شاسع من مصر القديمة.



لكن المعبد المصنوع من الحجر الجيري لم يكن سوى البداية.

وجد جوديو وفريق من المعهد الأوروبي لعلم الآثار البحرية بقايا مدينة بأكملها: المنازل والمباني العامة وكثير من المعابد، يمتد طولها نحو كيلومترين، وعرضها كيلومتر واحد.

في الأساس، هي تمثل صورة بالأشعة السينية لما بدت عليه المدن في مصر القديمة، والتي ظلت دون أن يلمسها أحد لآلاف السنين.

عثر العلماء هناك أيضاً على جميع أنواع الآثار: التماثيل الضخمة، والقطع البرونزية، والسفن الاحتفالية، والذهب، والمجوهرات والعملات المعدنية.

مدينة لم يمسها بشر لألفي عام

ومع ذلك، فإن أحد أهم الكنوز الأثرية التي عثروا عليها كان مصنوعاً من الخشب، إذ وجد العلماء أكبر مجموعة من حطام السفن القديمة التي اكتُشِفَت على الإطلاق. والتي منها سفينه اسطوريه ذكرها هيرودوت وكان يعتقد انها مجرد اسطوره. وقد سمح هذا في السنوات الأخيرة، بمعرفة بعض أهم ملامح التقدم في البناء بمصر القديمة.

ولكن على الرغم من أهميتها التي لا تصدق، لم يمنع ذلك المدينة من الغرق، الذي يعزوه العلماء إلى بنائها على الرواسب غير المستقرة في دلتا النيل، التي ربما تكون قد تعرَّضت لزلزال أو غيره من الكوارث الطبيعية.



وقد عُرضت مجموعة منتقاة من الآثار المكتشفة في معارض كبيرة متنقلة، منها معرض "أوزوريس وأسرار مصر الغارقة" عام 2015–2016، ومعرض "مدن غارقة: عوالم مصر الضائعة" عام 2016، ومعرض "كنوز مصر الغارقة" في بلدان مختلفة.