لماذا قتلت أم هارون الرشيد الخيزران ابنها الخليفة الهادي العباسى؟

لماذا قتلت أم هارون الرشيد الخيزران ابنها الخليفة الهادي العباسى؟

فى التاريخ الإسلامى نساء استطعن أن يحفرن أسماءهن بحروف من نور ونار، تمردن على أوضاعهن، فاستجاب لهن التاريخ، وتحول على أيديهن إلى دراما حية لا تموت ولا تُنسى، تظل أحداثها تتردد عبر العصور، ما بين المجد والملهاة والمأساة، ومن بين أبرز الأسماء النسائية فى التاريخ، تلك المرأة الجميلة والذكية والأديبة "الخيزران" زوجة الخليفة العباسي المهدي وأم الخليفة الهادي ومن بعده الخليفة هارون الرشيد، تلك المرأة التي كان لها دور سياسي كبير أثر في حكم البلاد، فهى أشهر النساء العباسيين، ولقبت بأم الخلافة العباسية.

الخيزران بنت العطاء، اختلف المؤرخون حول أصلها فقيل إنها إما جارية من اليمن وإما من جارية من المغرب، ولكن ما يهمنا أنها إحدى جوارى الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، ولأنها كانت امرأة تحمل من الذكاء والجمال مالا تحمله غيرها من النساء، وما يميزها أيضًا أنها أديبة وشاعرة، كما أنها كانت طالبة لعلوم القرآن والحديث، فكانت تكرم العلماء وتزيد من عطاياهم، نعود للخلف منذ أن كانت احدى جوارى في قصر الخليفة العباسي المنصور ورأها الأمير المهدى فوقع في حبها فتزوجها، وأصبح الخليفة المهدى العباسي وكانت الزوجة المدللة صاحبة الأمر والنهى تطلب فتطاع، أنجبت منه ولدان "موسي الهادى وهارون الرشيد".



كان للخيزران جراءة غير معهودة وقدرة على فائقة للتحكم في الأمور السياسية والسلطة، وهذا لكونها الزوجة والحبيبة للخليفة المهدى، عاشت الخيزرانة حياتها مع الخليفة متمتعة بكل لحظاتها، حتى أقنعت الخليفة بتعيين أبنائها كوريثين شرعيين للبلاد، وحققت ما تأمله الخيزران، وطيلة تلك الفترة لم تتنازل عن التحكم في أمور السلطة.

كان ابنها الهادى يتميز بالصلاح والشهامة وزينة العقل والحكم الرشيد، فكان دائم الخلاف مع أمه لأنها كانت تتدخل في أمور الحكم، خاصة بعد أن سلم الخليفة المهدى ولاية الحكم له وهذا ما أثار غضب "الخيزران" فأثرت على الخليفة كى يجبر ابنه الأمير الهادى بتسليم الولاية لأخية الأصغر فرض الإبن، ما جعل الأب يعد العدة ويذهب لابنه الهادى في جيش كبير كى يعادى ابنه ويحاصره أو ينفذ طلبه، ولكن القدر لم يمنح له تلك الخطوة فقد مات وهو في طريقه إلى جيشه، فتقلد الأمير الهادى الخلافة بعد أبيه.

قال الطبرى في كتابة تاريخ الرسل والملوك: لم تتخلي الخيزرانه عن سياسيتها بل زاد تدخلها في الشؤون السياسية للبلاد، وكانت تجالس القادة والوزراء، وهذا ما كان يغضب الخليفة موسي الهادى، وفكانت تسلك به ما تسلك بأبيه من قبل ذلك في الاستبداد في الأمر والنهى، وهو الأمر الذى لم يتقبله الهادى، فطلب منها أكثر من مرة عدم التدخل في شئون الحكم وتلتفت إلى شؤن القصر الداخلية وتلتزم بالعبادة والطاعة، قائلًا" أن قدر النساء ليس في الاعتراض على شئون الملك"، هذا بخلاف أنها أحست أنه يحاول ابعاد أخيه هارون الرشيدى عن الحكم، وشعرت الخيزران أنه بسبب ابنها الخليفة الهادى أنها ستفقد الحكم، وتدرج الخلاف وأصبحت هناك أضغان وأحقاد ومكايد كثيرة كانت تحاك داخل القصر.



كما قال الطبرى: أنها دبرت على قتله بالسم بمساعدة جوارية وهو مريض، وتوفى الخليفة الهادى في ربيع أول سنة 170 ه، كما ذكر أيضًا أن موسي الهادى حاول قتل والدته بإرسال الطعام المسموم إليها ولكنها أطعمت كلبها قبل أن تأكله فمات، وحين سأل الهادى عن الطعام فأجابت كان طيب، فقال" لم تأكلي منه لو كنتِ أكلتى كنت استرحت منكِ متى فلح خليفة كانت له أم".

بعد وفاة الخليفة الهادى تولّي هارون الرشيد الخلافة، عادت للخيزران مجدُها وعزها من جديد، وحافظت على حوزتها على الأجواء السياسية ومقاليد الحكم، ولم يطل بقاؤها بعد موت ابنها الهادي، إذ إنها ماتت بعده بعامين.