أقوى ملوك الأندلس محمد بن أبي عامر

أقوى ملوك الأندلس محمد بن أبي عامر

مؤسس الدولة العامرية. و تعود اصوله الى اليمن. انتصر في 54 حرب أعاد بها كامل الأندلس واسترد المدن التي فقدها السابقين، وفي حرب نسي راية فوق جبل فلم يقترب الأعداء من الجبل عدة شهور.

الكثير شاهد المسلسل التاريخي ربيع قرطبة والذي يتحدث عن الملك محمد بن أبي عامر، وهنا أؤكد بأن المسلسلات التاريخية ليست مصدراً لأخذ المعلومات التاريخية، ففي المسلسل صَوَر ابن أبي عامر بأنه ولد في عائلة فقيرة من الجزيرة الخضراء بعيدة عن السياسة، وعمل أعمالاً متواضعة، واثناء تعليمه تعرض للتسلط والاضطهاد من ابناء المسؤولين في الدولة، ولكن جميع هذه المعلومات خاطئة، وهي جميلة في الدراما فقط ولكن ليس لها علاقة بالمصداقية التاريخية.



فمحمد بن أبي عامر ولد في مدينة طرش جنوب الأندلس عام 327 هجري الموافق 938م لعائلة ذات مكانة مرموقة كثر فيها القضاة والفقهاء، فجده لأبيه كان قاضي إشبيلية، وجد أبيه لأمه كان حاكم بطليوس والطبيب الشخصي لأمير الأندلس الأموي عبد الرحمن الناصر، وجده الأكبر عبد الملك المعافري أصله من منطقة المعافر في اليمن وقد كان من كبار الفاتحين الذين كانوا برفقة الفاتح طارق بن زياد.

انتقل إلى العاصمة قرطبة عندما كان صغيراً ليدرس الفقه، وتوفي والده أثناء عودته من الحج ودفن في طرابلس الليبية، وعاش محمد بن أبي عامر تحت رعاية خاله، وأبدع في دراسة الفقة والقانون والأدب، وبدأ حياته العملية كاتباً في محكمة قاضي قرطبة محمد بن السالم ، وسريعاً انتقل لمحكمة الخلافة، واصبح مشرفاً على أملاك ابن أمير الأندلس، وفي عام 970م أصبح رئيساً لدار سك العملات، وفي عام 972م أصبح قائداً للشرطة، وفي عام 974م أصبح قائدا لجيش النخبة المسؤول عن حماية قرطبة، وخلال هذه الفترة تزوج من أخت رئيس حرس أمير الأندلس.

وفي عام 976م توفي أمير الأندلس الأموي الحكم الثاني، وتولى الحكم ابنه الطفل هشام بن الحكم وكان عمره 8 سنوات فقط، وبهذا أصبح العرش الاندلسي بلا حاكم، وهنا نجح محمد بن أبي عامر في إزاحة الحاجب جعفر المصحفي وأزاح والد زوجته الثانية قائد الجيش غالب الناصري، وسيطر على الحكم بشكل كامل، وبعد سنوات حجر على الأمير الأموي هشام، أعلن محمد بن أبي عامر نفسه ملكاً على الأندلس في عام 981م، وبنى الزاهرة وجعلها مركز الحكم والدواوين، وأصبح لقبه الملك المنصور وبهذا بدأت الدولة العامرية.

وكما يعتبر عنبسة الكلبي أقوى ولاة الأندلس، يعتبر محمد بن أبي عامر أقوى ملوك الأندلس، وحتى أقوى من كافة حكام الدولة الأموية في الأندلس، ففي عهدهم سقطت مدن بيد الممالك الإسبانية، ولم يكن يهمهم أن يحكموا شمال الأندلس بشكل مباشر، وفي النهاية تم إعطاء الحكم لأمير أموي عمره 8 سنوات، ولكن عندما تولى محمد بن أبي عامر قرر إعلان الجهاد بنفسه، وقاد خلال 27 عام 54 حملة عسكرية إسترد بها ما ضاع من بلاد الأندلس في عهد من سبقه.



فمدينة شنت ياقب التي سقطت عام 739م أعادها محمد بن أبي عامر للأندلس عام 997 م.
ومدينة بمبلونة التي سقطت عام 778م في عهد الأمير الأموي عبد الرحمن الداخل أعادها محمد بن أبي عامر للأندلس عام 1000م.
ومدينة برشلونة سقطت عام 801 م في عهد الأمير الأموي الحكم الأول أعادها محمد بن أبي عامر للأندلس عام 985م.
ومدينة نافارا سقطت عام 824م في عهد الأمير الأموي عبد الرحمن الأوسط أعادها محمد بن أبي عامر للأندلس عام 999م.
وجيليقية سقطت عام 871م في عهد الأمير الأموي محمد بن عبد الرحمن أعادها محمد بن أبي عامر للأندلس عام 997م.
ومدينة ليون سقطت عام 910 م في عهد الأمير الأموي عبد الله بن محمد أعادها محمد بن أبي عامر للأندلس عام 1000م.
ومدينة شنت بجنت سقطت عام 950م في عهد الأمير الأموي عبد الرحمن الناصر أعادها محمد بن أبي عامر للأندلس عام 981م.
ومدينة بلد الوليد سقطت 958م في عهد الأمير الأموي عبد الرحمن الناصر أعادها محمد بن أبي عامر للأندلس عام 981م.

ولم يكتفي محمد بن أبي عامر بالسيطرة على كامل الأندلس، بل حارب الدولة العبيدية وسيطر على أجزاء واسعة من المغرب الأقصى ودخل مدينة فاس عام 986م.

فقد كان محمد بن أبي عامر مجاهدا عظيما، ويروى أنه خطّ بيده مصحفًا كان يحمله معه في حروبه ويتبرك به، ويروى أن جيشه وضع راية على مكان مرتفع ونسى الراية، فلبث الأعداء شهوراً لا يجرؤون على الاقتراب من الجبل مخافة المنصور.



وحتى وفاته كانت عظيمة حيث توفي وهو عائد من إحدى غزواته، وكانت وفاته في مدينة سالم ودفن في قلعة النسور، وكان سابقاً يجمع ما علق بوجهه من غبار معاركه حتى تجمّعت له صُرة كبيرة فأوصى أن تُدفن معه عند موته.

آثاره تنبيك عن أخباره حتى كأنك بالعيان تراه
تالله لا يأتي الزمان بمثله أبدا و لا يحمي الثغور سواه

وكانت وفاته في مدينة سالم شمال الأندلس. وذلك في 27 رمضان 392 هجري. الموافق في تاريخ 1002/08/09م.

وبعد وفاته تولى الحكم من بعده ابنه عبد الملك المظفر ثم تولى الحكم ابنه عبد الرحمن شنجول والذي تعرض لإنقلاب أثناء ذهابه للغزو عام 1008م فدخلت الأندلس في حروب أهلية وضاعت الكثير من إنجازات البطل محمد بن أبي عامر.