نكاح المحارم تجيزه ثقافات وتحرمه أخرى

زيجات المحارم في المجتمع العربي حقيقة تكشفها حوادث وتوثقها إحصاءات. وتشهد محاضر المحاكم حالات كثيرة لعلاقات جنسية نشأت في المجتمع، لأسباب اجتماعية وسيكولوجية. وعلى الرغم منالاختلاف في الأسباب، إلا أن ثمة اتفاق بحسب إستطلاع إيلاف في أن زواج المحارم واقع ماثل للعيان في المجتمع العربي.

أدلة دامغة

ففي المدينة المنورة ضبطت الأجهزة الأمنية أبًا اعتدى جنسيًا على ابنته.

وتقول الدكتورة سهيلة زين العابدين رئيسة الدراسات في جمعية حقوق الإنسان في جدة، إن حالات زنا المحارم في تزايد.

وتصف كيف أن أبًا اغتصب اثنتين من بناته الثلاث بعد إخراج الأم من المنزل؛ واستفرد بالبنتين واغتصبهن، وهدد العم عندما جاء لإنقاذهن بالقتل، وبعد القبض عليه هدد الأسرة باغتصاب البنت الثالثة ما جعل أخاهم يفكر في قتله لإنقاذ الأسرة منه.



وفي العراق يرى حسين كامل وهو قاضي عراقي لاجئ في المانيا، أنه شهد اكثر من 20 قضية من هذا النوع في بغداد العام الماضي. وتابع أن إحدى الحالات كانت عن شاب مارس الجنس مع اخته التي تصغره بعامين. وتابع: الغريب في الامر ان الاثنين كانا مقتنعين بما فعلاه. لكن رفض الاهل كشف حقيقتهما.

ويرى سليم بولاق ( محامٍ مصري يعيش في المانيا ) أن المادة 267 في القانون المصري لا تعاقب زواج المحارم، وهي تبيح الرضا في ذلك ما دامت الأنثى فوق الثامنة عشرة اما إذا انعدم القبول واغتصب الرجل الأنثى فالعقوبة هي الأشغال الشاقة الموقتة أو المؤبدة ويستوي في ذلك أن تكون إحدى محارمه أو لا.

ويروي احمد الغولي وهو مصري حقائق وقعت في حي بالقاهرة عن رجل تزوج أخت زوجته وتدعى عديلة وأنجب منها ولدين واعترفا بوجود علاقة جنسية بينهما للشرطة بعد الابلاغ عنهما. لكن النيابة حفظت التحقيق وأفرجت عنهما لأن قانون العقوبات يخلو من مادة تعاقب على زنا التراضي.

وفي احدى القرى بمنطقة عسير في السعودية، اثمر زواج ثماني سنوات أربعة من البنين والبنات، ليتفاجأ الزوج بأنه تزوج أخته بعد ان شهدت عجوز في السبعين من عمرها بأن الزوج الذي توفيت امه قبل 12 سنة هو في الاصل اخ للزوجة من الرضاعة. وكانت العجوز تسكن القرية وغادرتها قبل اكثر من 17 سنة الى تبوك وحين عادت افشت سر الرضاعة ابراء للذمة.

وقررت المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا هذا العام تأجيل تنفيذ حكم بالسجن على باتريك الذي أنجب أربعة أبناء من أخته إلى أن يبتّ القضاة في وقت لاحق في مدى قانونية الحظر المفروض على العلاقات الجنسية بين المحارم.

ويقول سمير عوض وهو قانوني مصري يعيش في بون انه يتوقع أن تبت المحكمة في عدم قانونية الحظر، وان هذا يلغي العقوبات المفروضة على هذا النوع من العلاقات بدعوى أن ذلك يتعارض مع مبادئ الديمقراطية الأوروبية.

ويضيف عوض هناك قوانين تجيز الجنس خارج مؤسسة الزواج، وقوانين تبيح زواج الذكر مع الذكر، والأنثى مع الأنثى.

وتزوجت فتاة اميركية من زوج امها حيث أنجبت طفلاً واعترفت أمام القضاء ليعاقب الأب بالسجن 18 عامًا.

ويمثل زنا المحارم في جنوب أفريقيا 80% من إجمالى الجرائم الجنسية.



الولوج الى التاريخ

ويتطلب منا الحديث عن هذا الموضوع الشائك الولوج الى تاريخ هذه الزيجات التي كانت عرفًا اجتماعيًا لا غبار عليه عبر عصور كثيرة في التاريخ.

فقد تزوجت كليوباترا أخيها طبقًا لتقليد اغريقي كان سائدًا في مصر ويسمى قانون اثينا يسمح بالزواج بين الأخوة والأخوات.

وتزوج رمسيس الثاني أكثر من بنت من بناته.

وكذا فعل توت عنخ آمون. وانجب الملك سنفرو نفرت ماعت من ابنته الكبرى نفرت كاو.

وفي اليونان تزوج بطليموس الثاني من أخته أرسينوس.

واغتصب الإله زيوس أمه، كما زنا الإله أبولو بأخته ارتيميس. ومارست الإمبراطورة دواجر الجنس مع ابنها.



اما الإمبراطور هرقل فقد ضاجع ابنة أخته مارتينا.

وفي عام 490 م دعى مزدق وهو رجل دين زرادشتي الى إباحة زنا المحارم في ايران. وفى الهند كان الملك أجسى ابن اب تزوج أخته. وتزوج عمرام عمته يوكابد فولدت له هارون وموسى.

وفي بعض مناطق الهند، يتشارك الأخوة في مضاجعة الفتاة المتزوجة من اخيهم اذا ما اصابه المرض وصعب عليه ممارسة الجنس ويشجع الاهل في مثل هذه الحالة على ذلك.

ويتزوج الآباء بناتهم في بعض مناطق اليابان اذا أصبحن الامهات غير قادرات على تلبية مطالب الأزواج.

وعشقت اليانور زوجة الملك لويس السابع خالها ريموند أمير أنطاكيا.

وكان يحقّ للولد في الجاهلية أن يتزوّج ارملة ابيه بغير مهر، أو يزوّجها لمن يشاء ويأخذ مهرها. وبقيت هذه العادة سائدة حتى جاء الاسلام وحرّم هذا، وفي التاريخ ان كبشة بنت معن امرأة أبي قيس بن الأسلت انطلقت إلى الرسول وقالت له إنّ أبا قيس قد هلك، وإنّ ابنه من خيار الحمى قد خطبني، فنزلت الآية الكريمة (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء).

وروي عن ابن عباس أنّه قال: إذا مات الرجل وترك جارية ألقى عليها حميمه ثوبه فيمنعها من الناس، فإن كانت جميلة تزوّجها، وإن كانت قبيحة حبسها حتى تموت. وظلّ هذا الشأن إلى أن نزل الوحي بتحريم ذلك ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ).

اختلاف الثقافات

ويختلف تحديد مفهوم المحْرَم في ثقافات الشعوب، فالشريعة اليهودية تحددها في اربعة عشر هي الأم وزوجة الأب والأخت وبنت الابن وبنت البنت والأخت من الأب والعمة والخالة وزوجة العم وزوجة الابن وزوجة الأخ وبنت الزوجة، وأخت الزوجة وأم الزوجة. بينما تحصرها الشريعة الإسلامية في سبعة عشر 17 تشمل الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت والأم التي أرضعته والأخوات من الرضاعة وأم الزوجة وبنات الزوجة من زوج سابق وزوجات الأبناء وبنات البنات وأخت الزوجة وعمة وخالة الزوجة وزوجة الأب والجد.

اسباب علمية

ويرى حاتم عبد الله وهو باحث اسلامي ويحضر لشهادة الماجستير في الزواج الاسلامي في برلين ان انتشار زنا المحارم في المجتمع العربي سببه الإنفتاح على الثقافة الأوربية دونما رقابة.



لكن زبيدة هارون وهي فتاة تونسية تعرضت الى اعتداء جنسي من قبل عمها ولجات الى المانيا ترى ان العاطفة والجنس يمتزجان في الداخل لأن مجتمعاتنا تحجب الفتاة عن عاطفة الجنس الطبيعية خوفًا من (الوحوش )البشرية على حد وصفها، فتشب الشهوة المحرمة داخل الأسرة فينشأ زنا المحارم.

وتضيف: جلوس افراد العائلة الواحدة لمشاهده الافلام التي تحتوي على المشاهد الجنسية والانفتاح على الغرب وانعدام الاحترام المتبادل هو السبب لما حدث لي وجعلني اترك بلدي. لكن قريبًا لزبيدة اسر كاتب المقال في ان الامر ادعاء فارغ، والامر لا يعدو كونه قصة ملفقة للحصول على اللجوء.

وتروي بتول. م وهي لاجئة عراقية في برلين أن احدى قريباتها التي تتمتع بجمال فائق تعرضت لاعتداء جنسي من قبل ابن اخيها ونهرته عدة مرات لكنه لم يمتثل، ووصل الامر إلى القضاء الذي لم يبت في الامر.

ويرى الدكتور ليث جاري ان الجنس حاجة بيولوجية فطرية يحتاجها الانسان، وان زواج المحارم وسيلة لإشباع حاجة جنسية. ويرى ان زواج المتعة حل مثالي للقضاء على الجوع الجنسي لدى الشباب العربي على حسب رايه.

ويرى جاري ان التربية الأسرية الصحيحة في مرحلة الطفولة والمراهقة تبعد عن تحريك الغرائز.

كما ان الكف عن مشاهدة المواقع الاباحية والافلام الجنسية ووضع ضوابط أسرية، وعدم ارتداء الفتيات ملابس مغرية كلها عوامل تساهم في الحد من الظاهرة.

فتاوى تجيز زواج الاخ من اخته

ونشرت جريدة النبا المصري (صورة المقال مرفقة ومنشورة في عدة مواقع على الانترنت) ان الدكتور اسامة محمد الهواري استاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الازهر اكد انه يجب التفريق بين الشاب واخته من الزنا على انهما من ماء واحد ومن حلب واحد، وذهب فريق من العلماء الى ان هذا النكاح لا يجوز على اساس ان حقيقة النكاح هي الوطأ ومجاز في العقد.

واضاف الهواري ان بعض الفقهاء اجاز زواج الاخ من اخته من الزنا على اعتبار ان حقيقة النكاح هي العقد بل ان بعض الفقهاء اجاز زواج الاب من ابنته من الزنا على اساس ان ماءه ( التي ) مهدر في الحرام ولا تبت به شرعية نسب الاولاد وذلك على اعتبار قول النبي ( الولد للفراش وللعاهر الحجر) أي ان أي مولود من زنا يتسبب الى الزوج الاصلي صاحب الفراش وليس الزاني.

واضاف ان البعد والتفرقة اسلم من اتمام هذا الزواج وان اجازه بعض الفقهاء وخاصة ان النبي لم يرغب في زواج الاقارب لانه اقرب الى نقل الامراض وتوريثها بين الاولاد بل ان الاحناف حرموا هذا الزواج حيث يرون ان من زنا بامراة او لمسها او قبلها او نظر الى فرجها بشهوة حرمت عليه هي واصولها وفروعها وحرم عليها هو وفروعه حيث ان حرمة المصاهرة تثبت عندهم بالزنا.

وفي الشبكة الاسلامية تقول فتوى انه جائز للرجل أن يتزوج أمة والده التي لا تحل لوالده، وأمة ولده التي لا تحل لولده، وأمة أمه، وأمة ابنته. وجائز للعبد نكاح أم سيده، وبنت سيده، وأخت سيده، إذا كان كل ذلك بإذن سيده.



وروى الطوسي روايات تنسب إلى الإمام الصادق انه سال عن الرجل يُحلّ لأخيه فرج جاريته؟ قال: نعم لابأس به له ما أحل له منها.

وقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِيَلُوحَ الْحَقُّ فَنَتَّبِعُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -فَبَدَأْنَا بِمَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَلَّدَهُ لِقَوْلِهِ، فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ اسْمَ " الزِّنَى " غَيْرُ اسْمِ " "النِّكَاحِ" فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ لَهُ غَيْرُ حُكْمِهِ.فَإِذَا قُلْتُمْ: زَنَى بِأُمِّهِ - فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الزَّانِي ؟ وَإِذَا قُلْتُمْ: تَزَوَّجَ أُمَّهُ، فَالزَّوَاجُ غَيْرُ الزِّنَى فَلَا حَدَّ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ نِكَاحٌ فَاسِدٌ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، مِنْ سُقُوطِ الْحَدِّ، وَلِحَاقِ الْوَلَدِ، وَوُجُوبِ الْمَهْرِ -وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ تَمْوِيهًا غَيْرَ هَذَا، وَهُوَ كَلَامٌ فَاسِدٌ، وَاحْتِجَاجٌ فَاسِدٌ، وَعَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ.

وتبقى هذه الاشكالية، على الرغم منالنقاش المفتوح منذ ان خلق البشر، مرتبطة بثقافة الشعوب وقدرتها على سن قوانين تهذب السلوك بما يقوم مسيرة الجنس البشري. وفي نهاية الامر، لن يصح إلا الصحيح، وإن خيم الخطأ لبرهة من الوقت.