أروع قصة عن بر الأم

 أروع قصة عن بر الأم

حكى الشيخ خالد بشير محمد معافا، القاضي السابق في محكمة صبياء بالسعودية، عن أغرب القضايا التي نظرها خلال فترة عمله في المحكمة، أطرافها أبناء مسنون وأم قعيدة، والكل يريدها أن تكون عنده لينال برها، في مشهد دفع المحكمة إلى البكاء تأثرا بهذا المشهد الفريد.



وقال الشيخ خالد معافا، خلال حديثه مع صحيفة “سبق” السعودية: “من المواقف التي لا تنسى.. عندما كنت قاضيا في المحكمة العامة بصبياء، نظرت دعوى أقامها شقيقان وأختهما ضد شقيقهم الرابع، وأعمارهم جميعا فوق الستين عاما.

وتابع: أن الأخوة المدعين قالوا إن والدتهم مقيمة في منزل شقيقهم المدعى عليه، وأنهم كانوا يزورونها يوميا بانتظام، حتى تزوج شقيقهم بزوجة ثانية في محافظة أخرى، مما تسبب في عدم استطاعتهم زيارة والدتهم إلا يوما بعد يوم، وهو اليوم الذي يكون فيها أخوهم موجودا عند الزوجة الأولى، لأنهم لا يستطيعون زيارة والدتهم في اليوم الذي يكون أخوهم عند زوجته الثاني، لأن والدتهم في غرفة داخلية، وإخوانه يرفضون دخول البيت دون وجود أخيهم.

واستطرد القاضي السابق: “لم يصبر الأبناء (المسنون) عن والدتهم، ولم يتقبلوا أن يحرموا من والدتهم يوما بعد يوم، ولم يقبل شقيقهم أن يتنازل عن سكن والدتهم معه وانتقالها لإخوته وإيثارهم بها، بينما طالب الإخوة بانتقال أمهم من بيت أخيهم إليهم ليكون لهم نصيب من برها والقيام على شؤونها”.

وذكر أن هذا الحل لم يرض أخوهم المسن، وحاول استرضاء إخوته أن تستمر أمه معه، حتى وصل به الحال إلى تقبيل رؤوسهم واحدا واحدا، وهو يبكي ويقول لهم: “لا تفقعوا عيني.. لا تطفئوا نور بيتي”، إلا رفضوا وهم يبكون أيضا ويطالبونه بعدم



حرمانهم من رؤية أمهم كل يوم، فضجت المحكمة بالبكاء”، وعندها سألهم الشيخ خالد معافا “عن الأم وهل ما زالت في كمال أهليتها فأجابوا.. نعم”. فطلب حضور الأم، فأحضرها الابن بعد قرابة ساعة وهو يقود كرسيها المتحرك”.

وأكمل القاضي السابق: “عندها عرضت الأمر عليها وأين ترغب أن تسكن، كان رد الأم الحنون على أولادها المسنين وهي تنظر إليهم جميعا: “كلهم عيوني وما أفضل واحدًا على الثاني”.. الله أكبر إنها الأم وعطفها على أولادها مهما بلغ بهم العمر”

وتابع : “بعد محاولات ومداولات ونقاش بين الإخوة، الكل يريد البر بأمه، والأم لا تقدم أحدا على أحد.. انفرجت الأزمة بعدما التزم الأخ الذي تسكن أمه في منزله أن يكون موجودا بشكل يومي من بعد صلاة العصر إلى صلاة العشاء في المنزل الذي فيه أمه ليسهل على إخوته زيارتها يوميا، ورضوا بذلك بشرط عدم إخلاله بذلك”

ووصف مشهد الختام فقال: “بعدها قاموا جميعا يقبلون رؤوس بعض وأخذوا معهم أمهم وخرجوا، نعم خرجوا ولكن لم تخرج صورتهم وكلماتهم من الذاكرة..



ما زلت أتذكر أخاهم وهو يتلطفهم ويترجاهم.. ما زلت أتذكر دموعه على خده ولحيته.. ما زلت أراهم وهم يرفضون ويحاجونه بحقّهم في برها ونوال بركتها.. وما زلت أرى حرج الأم وكلماتها اللطيفة التي شملت الجميع بحنانها”. مشيرا إلى أن هذه الواقعة تشتمل على دروس عظيمة في بر الأم وترابط الأشقاء، وأهمية الأم في حياة الأبناء مهما تقدم عمرها، فوجودها طمأنينة وبركة. بحسب الدرر الشامية