حرب سعيد على الإحتكار...

حرب سعيد على الإحتكار...

إذا استمرت حرب سعيد على الإحتكار كما يسميها و يهلل لها البعض سوف تفقد كل المواد الأساسية من السوق ، ذلك أن آلية التخزين لدى المصانع أو لدى موردي الجملة أو لدى تجار التفصيل كل بحسب حجمه هي الضمانة الأساسية الوحيدة لإستمرار تزويد السوق بالمواد الأساسية والكمالية و بدون تخزين سينقطع التزويد ويكثر اضطراب الأسعار ، فأمام ندرة بعض المواد يمكن أن يصل سعرها اضعافا مضاعفة في غياب التخزين ويكثر التضخم وتنهار القدرة الشرائية للمواطن نهائيا ، بهذه الحرب الشعبوية لا غرابة أن يصبح المواطن يبحث في رمضان القادم عن " باكو حليب " أو بطاطة أو بصل أو بعض الخضر كمن يبحث عن إبرة في كوم من التراب ...

و لقد لاحظ الجميع ارتفاع الأسعار في بعض المواد إلى الضعف نتيجة هذه الحرب العبثية بعد أن امتنع التجار عن التخزين إثر حملات المداهمة و المصادرة لسلعهم بدعوى الإحتكار ...



كلنا مع مقاومة الإحتكار ، لكن من المنبع أي بإلغاء كل التراخيص التي تم منحها لعائلات بعينها ، و إلغاء نظام " الكوتة " في الإنتاج الذي أضر بصغار المنتجين و خاصة في قطاع الدواجن بحيث أصبحت أسعار الدواجن عندنا أغلى من بعض الدول الأوروبية والخليجية ...

قرار يمكن أن يتخذه سعيد وهو في مكتبه و ذلك بإلغاء جميع التراخيص كما يلغي نظام " الكوتة " و بفضل المنافسة ستنزل الأسعار إلى ما دون أسعار 2010 ، أما بالنسبة للخضر والغلال التي تمثل قفة التونسي الزوالي فيجب بناء مئات مخازن التبريد في مختلف الجهات وتسليمها لحاملي الشاهيد من المعطلين على أن تتكفل الدولة بتجميع الفائض من الإنتاج وقت ذروة الموسم وتخزينه كمخزون استراتيجي تعديلي يتم طرحه كلما قل الإنتاج أو بين الفصول و منع الإرتفاعات المشطة خارج الموسم ، بهكذا حلول نقضي على الإحتكار و ليس بضرب منظومة التخزين ، فعلى علات التخزين تظل هي الطريقة الوحيدة التي تضمن تزود السوق بمختلف المواد .

قوة الدول تقاس بمدى قدرتها على تخزين المواد الأساسية ، فمثلا قدرتنا على تخزين القمح اللين الذي نستورده بنسبة تفوق 90 % من إستهلاكنا لا نملك طاقة تخزينية له إلا لمدة شهر ، فلو حدثت جائحة عالمية أو تعطل النقل البحري بسبب نزاع مسلح أو ماشابه سيجوع الشعب التونسي و لا يجد خبز بعد شهر واحد ...

الفلاح المصدر الأساسي لأمننا الغذائي مهمش وخارج نطاق إهتمام الدولة ،



مواردنا المائية غير معبئة بالشكل اللازم لضمان تزويد فلاحتنا بالماء على مدار السنة ، هذه هي مشاكلنا الحقيقية التي تكفل أمننا الغذائي وليس الزيارات الشعبوية كالتي كان يقوم بها بن علي بغرض الدعاية الرخيصة فقط و يهلل لها المطبلون ... أما قيس سعيد فيقوم بها اليوم بسبب جهله بالواقع الاقتصادي للبلد ، و شعبويته الزائدة ستدمر ما تبقى من منظومة الإنتاج والتخزين ...

فيق يا شفيق ، لو كان سيدنا يوسف عليه السلام حاضرا بيننا و بطريقتك هذه لداهمت مخازنه و اعتقلته بتهمة احتكار القمح .

على العقلاء التحرك الفوري لوضع حدا لهذا العبث قبل أن يندم الشعب التونسي " المطبلون قبل غيرهم " وقت لا ينفع الندم....

الأسعد بوعزيزي