بعد أكثر من 10 سنوات على إنشاءها.. لماذا لا تزال جزر دبي الاصطناعية فارغة حتى الآن؟

بعد أكثر من 10 سنوات على إنشاءها.. لماذا لا تزال جزر دبي الاصطناعية فارغة حتى الآن؟


أُعلن في عام 2003 عن مشروع ضخم تحت مُسمى «العالم»، وقد قيل أنّ كلفته سوف تبلغ مليارات الدولارات. إذ خُطِّطَ لبناء أرخبيل سوف يصنعه الإنسان على شكل خريطة الأرض، ليحتضن منازل فاخرة ومنتجعات سياحية بالقرب من دبي. لكن وبعد أنّ مر أكثر من 10 سنوات على إنشاء هذه الجزر، لم يتم بناء أي شيء عليها! ما القصة؟ تعرف معنا على الأسباب.

فكرة المشروع

رأى مطوروا العقارات في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أنّ هناك فرصة لإحداث أرض صناعيّة تُقابل ساحل دبي.

إثر كثرة الطلب على عقارات المحيطات، فلهذا بدأت شركة النخيل العقارية المملوكة من قبل حكومة دبي، بوضع خططاً لتغيير المنطقة جذرياً خلال عقدين فقط.

إذ خططت الشركة لثلاث مشاريع مختلفة، وهي جزر ستظهر من الفضاء على شكل أشجار النخيل: نخلة جميرا ونخلة جبل علي ونخلة ديرة.

الإعلان عن المشروع

أعلنت الشركة عن مشروعها الضخم الذي عرف باسم «العالم»، بعد أنّ خططت لإقامة مجمعات بكثافة سكانيّة منخفضة، وأخرى بكثافة سكانيّة عالية، وأيضاً جزر بهدف استخدامها لأغراض تجارية.



واستكمالاً لمشروع «العالم» خُطط لمشروع آخر أكبر من المشروع السابق سُميَّ «الكون»، فقد خططت الشركة لإحداث جزر صناعية شبيهة بشكل الشمس والقمر وكواكب النظام الشمسي ودرب التبانة والمجرات البعيدة!

بعد أكثر من 10 سنوات على إنشاءها.. لماذا لا تزال جزر دبي الاصطناعية فارغة حتى الآن؟

وكان من المخطط إحداث مشروع ضخم آخر بجانب نخلة جبل علي وهو بناء واجهة دبي البحرية، وقد خططت الشركة أن تبني هذه الجزر على شكل هلال.

أهمية المشروع بالنسبة لدبي

وتلك المشاريع قد تغير شكل معظم ساحل دبي، إذ ستكون إمارة أبو ظبي على جانب، وإمارة الشارقة على الجانب الآخر.

وكانت النظرة إلى هذه الجزر أنها مشاريع ساحرة وبإمكانها تطوير دبي وجعلها نقطة جذب سياحية رئيسية، مما يخلق مصادر دخل جديدة لمكان يحصل على معظم ثروته عن طريق استخراج النفط.

تنفيذ مشروع "العالم"


باشرت شركة نخيل العقارية عام 2001 ببناء نخلة جميرا، وبحسب المخطط، فإنّ مشروع جميرا بمفرده سوف يضاعف طول ساحل دبي.

ففي عام 2006، انتهت عملية استصلاح الأراضي وسُلمت الشقق الأولى، وأغلب المباني تواجدت ضمن تفرعات نخلة جميرا على شكل منازل خاصة.

وقد أنشئت فنادق فاخرة على حلقة كاسر الأمواج التي تلتف حول النخلة بهدف حماية المشروع من العواصف.

خلال فترة إنشاء نخلة جميرا، بدأت مشاريع أخرى في دبي بالتبلور، إذ شهدت دبي تطوراً عمرانياً كبيراً في القرن الحادي والعشرين، فقد بُنيت عدة مشاريع مرموقة كبرج خليفة وهو أطول برج في العالم. وقد أطلق فندق (أتلانتس) في نخلة جميرا عام 2008 الألعاب النارية على جزيرة النخلة احتفالاً بافتتاحه

لم تنفِ تلك الاحتفالات حقيقة الأزمة المالية العالمية التي بدأت تؤثر على دبي، -إذ أنّ دبي قد أنفقت 20 مليون دولار على حفل افتتاح فندق (أتلانتس) فقط. تأثرت دبي بالأزمة المالية العالمية في مجال العقارات بشكل خاص، إذ أغلقت كل مواقع بناء الجزر الاصطناعية التي تقابل الساحل نتيجة انخفاض الطلب. وقد تراجع سعر الأراضي بشكل كبير، كما توقف بناء نخلة جبل علي.



مصير مشروع "العالم"

كانت الضفاف الرملية لنخلة جبل علي عام 2011 فارغة ومنسيّة، حيث تقع خلف ميناء جبل علي، ولا يجاورها أي مدينة أخرى.

وقد عرضت شركة نخيل العقارية على المستثمرين أن يستردوا أموالهم، وبالتالي فإنّ معظم أحلام مخططو المشاريع قد تبخرت، لكنك تستطيع رؤية شكل الجزر على صور الأقمار الصناعية.

وعن نخلة ديرة، فقد سُجل تقدم كبير في استصلاح الأراضي رغم عدم انتهاء المشروع، وقد قررت شركة نخيل عام 2013 محاولة إنقاذ المشروع من خلال وضع تسمية جديدة له. فقلصت الشركة المشروع وأسمته «جزر ديرة» كما أصدرت مخطط لإحداث مركز تجاري ومبنيين عاليين وشارع للتسوق. أما عن مشروع "العالم"، فقد انتهى أخيراً إنشاء أراضي المشروع، كما بيع قسم كبير من الجزر قبل الأزمة المالية


لكن لم تتطور هذه الجزر لأن العديد من المستثمرين الذين قاموا بشراؤها كانت لديهم مشاكل خاصة إثر الأزمة المالية. رغم استثمار عدة مشاريع في دبي بعد نهاية الأزمة المالية، لكن مشروع «العالم» بقي كما هو، نتيجة عدم ثقة العائد المالي من هذا المشروع.

مشروع "العالم" أصبح مشكلة!

بعد 10 سنوات من الكشف الأولي عنه، تبيّن أنّ مشروع العالم غير ملائم للوقت الحالي، إضافة إلى عدة مخاوف تتمثل بتلاشي القنوات بين الجزر وارتفاع مستوى سطح البحر. كما انتقد سكان نخلة جميرا جودة المياه عندهم، وبدأ حاجز الأمواج يتآكل ويعيق حركة المد والجزر الطبيعية، كما ركدت المياه داخل النخلة نتيجة لذلك.

إضافة إلى المشاكل والمخاوف البيئية، فتراكم مئات الآلاف من أطنان الرمال في قاع البحر قد ينعكس بشكل سلبي على الحياة البحرية. وظهرت مخاوف أخرى؛ تمثلت بأنّ المشروع قد يسبب تآكل الخط الساحلي وعدم استقرار التربة الساحلية، وبالتالي صعوبة الترويج للمشاريع الضارة بالبيئة. كما يعاني عمال البناء المهاجرون في دبي من ظروف معيشية صعبة وهذه القضية مهمة إعلامياً بشكل كبير.



المشاريع التنموية التي يتم إحداثها

لكن رغم ما سبق ذكره بدأت مشاريع تنموية بالتشكل في هذه الجزر، فقد افتتح نادي Royal Island Beach الليلي في جزيرة لبنان عام 2012، كما يستقبل السياح في فترة النهار عبر القوارب. وفي عام 2014 أعلن مستثمر عقاري نمساوي عن تطوير عدد من المشاريع في الجزر الأوروبية، وسمي «قلب أوروبا»، بهدف تصميم نسخة مصغرة عن أوروبا. وبناء فنادق فاخرة تم إيحاء فكرتها من أماكن كالبندقية أو موناكو، وعدة مطاعم لتقديم الطعام الأوروبي.



وهناك خطة لإقامة ساحة في الجزيرة السويسرية يهطل فيها ثلج اصطناعي، وهي حالياً قيد الإنشاء. ختاماً، في العالم أجمع هناك الكثير من المشاريع التنموية المعرضة للمخاطر، بعضاً منها يفشل وبعضاً منها ينجح ويصبح نقطة جذب سياحية كبيرة تدعم الاقتصاد المحلي بعدة طرق. والبعض الآخر يكون طريق بداية إلى حقبة معمارية جديدة كتحطيم الأرقام السياحية العالمية.