أحد طرفيها ملك عربي.. تعرف على أقصر حرب في التاريخ.

أحد طرفيها ملك عربي.. تعرف على أقصر حرب في التاريخ.

في 4 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1890 أعلنت بريطانيا أن سلطنة زنجبار محمية تابعة لها، وبعد ذلك بعدة سنوات وتحديدا في 27 أغسطس/ آب عام 1896 اندلعت الحرب بين بريطانيا وسلطنة زنجبار في شرق أفريقيا، والتي كانت تحكمها أسرة البوسعيد العربية العمانية وانتهت بعد 40 دقيقة فقط لتصبح أقصر حرب في التاريخ. فما هي القصة؟



وتقول دائرة المعارف البريطانية إنه بعد وفاة السلطان السابق، رفض الأمير الزنجباري خالد بن برغش قبول خليفة تفضله الإمبراطورية البريطانية، فأعلن نفسه سلطانا على الجزيرة واحتل قصر السلطان، مما دفع الطرادات الإمبراطورية إلى إطلاق النار على موقعه.

أصل الحكاية

في أواخر القرن التاسع عشر، وسعت بريطانيا نفوذها ليشمل شرق إفريقيا بشكل عام وزنجبار بشكل خاص.

وفي حين قام السلطان سعيد بن سلطان بتوسيع ممتلكات زنجبار الإقليمية مما أدى إلى ارتفاع أهميتها التجارية العالمية في النصف الأول من القرن، اضطر خلفه برغش إلى الانحناء للقوى الأوروبية وتقسيم الأرض بين البريطانيين والألمان، وسار السلاطين اللاحقون على نهجه.



وبحلول عام 1890، أقنعت بريطانيا السلطنة بالتخلي عن أراضيها في البر الرئيسي لألمانيا ، وأعلنت أن سلطنة زنجبار محمية تابعة لها.

أهداف بريطانيا

وعندما أصبحت زنجبار محمية بريطانية، حددت بريطانيا هدفين رئيسيين للسياسة وهما الأول: إلغاء العبودية، والثاني: استعادة الاقتصاد التجاري للجزيرة لعافيته.

وقد أثارت السياسة الاقتصادية للقنصل العام غيرالد بورتال غضب التجار الزنجباريين، ولكن ما أغضبهم أكثر هو السياسة المتعلقة بالعبودية التي كانت جزءا لا يتجزأ من أسلوب حياتهم حيث ارتفعت قيمة مزارع التوابل طوال القرن التاسع عشر.

وقاوم السلطان علي بن سعيد توجيهات بريطانيا حتى وفاته عام 1893، وعندما حان الوقت لاختيار خليفته أرادت بريطانيا أن يكون السلطان القادم أكثر خضوعا لسلطاتها وتوجيهاتها.

المطالبة بالعرش

ومن بين العديد من المطالبين بالعرش دعم البريطانيون حمد بن ثورين. إلا أن الأمير خالد بن برغش تحدى ذلك واحتل قصر السلطنة.



وبرر خالد بن برغيش مطالبته بالعرش باعتبار أنه الابن الوحيد للراحل برغش وأنه تم تجاهله بعد وفاة والده، على الرغم من أن قوانين وراثة العرش هناك لم تجعل لقب السلطان وراثيا.

وقد تمكنت السلطات البريطانية من إقناع خالد بالتنحي، مما جعل حمد بن ثورين السلطان بلا منازع.

وعلى الرغم من رضوخ السلطان حمد في البداية، إلا أنه بحلول عام 1896 كان قد زاد امتعاضه من البريطانيين، وذهب إلى حد إنشاء قوة عسكرية قوامها ألف رجل موالية له فقط.

تجدد الصراع على العرش

وتوفي حمد بن ثورين في 25 أغسطس/آب من ذلك العام، مما أثار صراعا آخر على العرش. وأراد الدبلوماسي البريطاني رفيع المستوى آرثر هاردينغ أن يتولى حمود بن محمد العرش معتقدا أنه سيكون سلطانا مرنا ولن يعارض التوجه البريطاني الساعي لإلغاء العبودية.



ونقل هارينغ وجهة نظره لنائبه باسل كيف، لكن خالدا الذي تم تجاوزه بعد وفاة كل من برغش وعلي لم يكن مستعدا للتعرض للاستهانة بمكانته للمرة الثالثة، فأعلن نفسه سلطانا على زنجبار واستولى على القصر.

المعركة

وعلى عكس محاولته الأولى للاستيلاء على العرش، أحاط خالد هذه المرة القصر بحوالي 3 آلاف من جنود السلطان وأنصاره، وكانوا مدعومين ببطارية مدفعية صغيرة واليخت الملكي المسلح غلاسغو، الذي كان ينتظر في المرفأ القريب.

وردا على ذلك، جمع باسل كيف قوة من 400 من الموالين من الزنجيباريين وفرقة من مشاة البحرية البريطانية. وتقدر بعض المصادر حجم قوة الموالين من الزنجباريين بحوالي 900 مقاتل. كما كانت هناك 5 سفن قوية تابعة للبحرية الملكية في الميناء.



ومن جهته، أرسل الأدميرال البريطاني هاري روسون إنذارا لخالد يمهله فيه حتى التاسعة من صباح يوم 27 أغسطس/ آب للانسحاب من القصر والاستلام هو وقواته. لكن خالدا رفض الإنذار اعتقادا منه أن البريطانيين لن ينفذوا تهديدهم.

ومع انتهاء المهلة في تمام الساعة 9 صباحا أصدر روسون أوامره للسفن الحربية إتش ام إس روكون وإتش ام اس فيلوميل وثروش وسبارو وسان جورج بفتح النار على القصر الذي سرعان ما اشتعلت فيه النيران.

وعلى الرغم من أن اليخت غلاسغو أطلق النار ردا على القصف البريطاني، إلا أنه سرعان ما تم إخماد نيرانه.

وبعد 40 دقيقة توقف البريطانيون عن إطلاق النار بعد أن أسقط القصف البريطاني 500 من جنود خالد بن برغش بين قتيل وجريح، فيما أصيب بحار بريطاني واحد فقط بجروح خطيرة.

وقد سيطر المشاة البريطانيون والزنجباريون الموالون لهم على الجزيرة، فيما استسلمت قوات السلطان خالد بن برغش الذي هرب من القصر ولجأ إلى القنصلية الألمانية.

بعد المعركة

ووافق السلطان حمود على الفور على جميع الشروط البريطانية، وقبل المطالب البريطانية المتعلقة بإلغاء العبودية.



وسمح الألمان لخالد بن برغش بالعيش في المنفى في البر الرئيسي في دار السلام، حيث مكث حتى أن اعتقله البريطانيون خلال الحرب العالمية الأولى. وتوفي خالد في مومباسا عام 1927.

ولم تحدث ثورات أخرى في الجزيرة حتى أنهت بريطانيا وضعها كمحمية في عام 1963.